U3F1ZWV6ZTE5MTM5ODIyMzUwMzU0X0ZyZWUxMjA3NTA1NDk3NTM5Mw==

أين سيصل تطور الذكاء الاصطناعي

أين سيصل تطور الذكاء الاصطناعي


من تابع الضجة التي أحدثتها نسخة ChatGPT المفتوحة للناس مجانا و الامكانيات التي أبانت عنها، لابد له أنه يرتعب بعد أن أعلنت شركة OpenAI عن قرب إطلاق نسخة GPT-4 المدفوعة و التي ستعتمد على 100 تريليون عامل متغير (Parameters) بدل 175 مليار متغير في النسخة السابقة.

الصورة تحت هي تقريب يوضح الفرق الهائل بين النسختين (500 ضعف)، أي أن النسخة الجديدة غالبا ستجعل النسخة السابقة تبدو كلعبة أطفال!!

صحيح أن النسخة السابقة كان بها عيوب رأينا عدة منشورات في شبكات التواصل المختلفة تسخر منها، لكن من يفهم قليلا في التقنية لن يلتفت كثيرا لهذه الأخطاء أو يعتبرها دليلا على فشل الذكاء الاصطناعي كما قرأت لعدة متسرعين فلا شك أن هذه الأخطاء ستصحح ذاتيا (من خلال التعلم الآلي) أو برمجيا من طرف الشركة صاحبة المشروع.

إن العقل يدعونا للنظر إلى ما وراء هذه المشاريع و التفكر فيما يمكن أن تجلبه للعالم و ما ستغيره من مفاهيم.

قبل هذا لنعد بسنوات إلى ستينيات القرن الماضي، مع بدايات البدايات لعالم الحاسوب.

أين لاحظ وقتها غوردن مور أحد مؤسسي شركة أنتل (Intel) المتخصصة في معالجات الكمبيوتر أن عدد الترانزيستورات الموجودة في شريحة المعالج يتضاعف كل 24 شهر في حين يبقى سعر الشريحة نفسه!

و منذ ذلك الحين صارت تعرف هذه الملاحظة بقانون مور الذي يمكن أن نفسره بشكل عام أن قدرة الكمبيوتر تتضاعف كل سنتين تقريبا و هو منحنى سريع جدا إذا ما قارناه مع منحنى التطور في مجالات أخرى.

هذا القانون سحبه الكثير من ميدان الصناعة و العتاد (hardware) إلى ميدان البرمجيات (software) المرتبط به طرديا و هو قانون عمّر لعدة سنوات، لكنه اليوم (بل فعليا منذ قرابة العقدين) قانون غير صالح!

لا لأن التكنولوجيا وصلت إلى ذروتها فصار التقدم فيها أبطأ كما حدث في بعض المجالات، بل لأن سرعتها تضاعفت بشكل كبير جدا.

فالآلة اليوم لم تعد مجرد أداة تساعد على العمل، و تُستعمل في حفظ البيانات و تخزينها و فهرستها ثم عرضها بسهولة، بل هي آلات منتجة للمعرفة و قد رأينا في الأشهر الماضية كيف يمكن لبعض أدوات الذكاء الاصطناعي "المجانية" أن ترسم لوحات كان يقضي فيها الفنان أسابيعا، أو تنظم متونا تلخص فقرة ما في دقائق معدودة.

صحيح أنه إلى الآن لم تصل التكنولوجيا بعد بالآلة لمرحلة تحل فيها محل الخبرة البشرية العميقة، لكنها جعلت الآلة أكثر كفاءة و أسرع من البشر في أداء الوظائف المتكررة أو ذات "الأنماط" المتشابهة حتى صارت تنتج العلوم، و تدفع بالتطور في باقي المجالات كالطب و البيولوجيا و علوم الفضاء و خلافه..

و هذا يفتح لنا باب السؤال عن إلى أي مدى يمكن أن تصل الآلة بعد أن تجمع و تحلل كل الخبرة و العلم الذي راكمه البشر طيلة قرون، و هل سيتغير إثرها مفهوم "العلم" و مفهوم "العالِم"؟

سمعت قبل مدة عن ما صرح به ريموند كرزويل عالم الحواسيب و المستقبليات و المعروف بأفكاره الغريبة التي تشبه قصص الخيال العلمي، أين تحدث عن دخوله منذ سنوات في حمية صارمة جدا لأنه يعتقد أنه يجب أن يعيش إلى ما بعد 2045، أين سيصل العالم إلى التفرد التكنولوجي (Technological singularity) يستطيع فيها الذكاء الاصطناعي بعد توليده لمليارات أضعاف المعارف التي لدينا الآن أن يحل عشرات المشكلات و من بينها مشكلة الموت!

طبعا نحن كمسلمين نؤمن أن كل نفس ذائقة الموت، و لا يجب أن ندع تصورا سخيفا كهذا من أن نتساءل (و نستعد) أين يمكن لعالم التكنولوجيا أن يصل بعالم البيولوجيا و غيره من العوالم؟

الخلاصة أننا أمام عالم يتغير بشكل سريع، يتغير فيه مفهوم "العلم" و مفهوم "الزمن" و مفهوم "المكان" و ستتغير فيها أشياء كثيرة نمارسها منذ عقود .. و أننا إزاء واقع جديد يفرض نفسه منذ سنوات و سرعة تقدمه تفوق أحيانا سرعة استيعابنا.

هذا الواقع "الجديد" الذي لم تكتمل ملامحه بعد سنضطر للتعاطي معه -و لا بد لنا من ذلك إذا انطلقنا من رسالتنا كملسمين- و لن يمكننا ذلك إذا بقينا خلفه "فكرا" و "علما".


تعديل المشاركة Reactions:
أين سيصل تطور الذكاء الاصطناعي

abdourazeq

شاب جزائري من ولاية جيجل شغوف بالتكنولوجيا وأخبار التقنية نسعى لتقديم محتوى عربي متميز
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة